[b]اسألي نفسك :
هل سلوك طفلك متلائم مع عمره ..؟
الإجابة عن هذا السؤال تكمن في مدى اطلاع الأهل على مبادىء التطور عند الأطفال ، ومعرفتهم للخصائص التي تميز كل مرحلة تطورية عن الأخرى ، فهذه المعرفة تساعدهم على تفهم أولادهم وسلوكياتهم بطريقة أفضل ، مثلاً : عندما يقول لك ابنك البالغ من العمر ثلاث سنوات إنه لم يأكل الكعكة وأنت تعرفين أنه أكلها فلايجوز نعته بالكاذب ، لأن الطفل في هذا العمر لايزال غير قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال وبالتالي لايعرف معنى الكذب .
عندما يرفض ابن السنتين أن يشرك ولداً آخر في ألعابه فلايقال عنه إنه بخيل وأناني ، لأن الطفل في هذا العمر يتميز بأسلوب لعب منفرد ولايدري معنى المشاركة .
عندما يسأل ابن الرابعة أمه أسئلة حول الموت ، فلايجب أن تقلق والدته معتقدة أن ابنها يمر بأزمة نفسية عميقة ، لأن هذا النوع من الأسئلة شائع جداً في هذا العـمر عنـد الأولاد .
عندما تلاحظ الأم أن ابنتها في السادسة من عمرها غير مرتبة ودائماً تنسى أشياء في المدرسة أو في البيت ، فلايجب أن نستنتج أن الطفلة تعاني من مشكلة في الذاكرة ، لأن هذا السلوك طبيعي جداً في هذا العمر نتيجة تعرض الأولاد لمجموعات هائلة من المأثرات يومياً تتطلب منهم التركيز والاستعاب الفوري ، مما يؤدي إلى ازدياد النسيان عندهم لأمور تبدو تافهة بالنسبة لهم ، مقارنة بأمور أخرى تحتل الأولوية في سلم اهتماماتهم الخاصة.
هل تلومـين نفـسك للصعـوبات السـلوكـية التي تظـهر عند ولدك ؟
هناك ميل عند معظم الأمهات لمقارنة ولدهم بالأولاد الآخرين خاصة عندما يعاني الولد من مشكلة معينة فتشعر بالذنب وتعتقد أنها المسؤولة عن هذه المشكلة ، مثلاً :
»كل الأولاد في أعياد الميلاد يفرحون ويرقصون ويشاركون في الألعاب ماعدا ابني فإنه يجلس في زاوية ويراقب الآخرين ولايشارك بأي نشاط « مايجب أن تدركه الأم أن لكل إنسان طبعاً محدداً ، وأن هذا الطبع يميز كل ولد عن الآخر ، حتى الإخوة في نفس العائلة .
يجب إذن أن نفهم أننا لانستطيع أن نتعامل مع كل أولادنا بنفس الطريقة ، فكل ولد يختلف عن الآخر باحتياجاته وقدراته ، كما أنه يجب علينا أيضاً أن نتذكر أن بعض الأولاد تصعب تربيتهم أكثر من غيرهم ، لذلك لايجوز مقارنة الأولاد فيما بينهم ، بل التركيز على ماهو مميز في كل ولد ، ونتعلم أن نقدر ماهو مختلف في كل ولد من أولادنا
هل توقعاتك متلائمة مع طـبع ولدك وقدراته ؟
عندما تشعرين بأن ابنك يزعجك بسبب تصرفاته تمهلي قليلاً قبل تأنيبه أو معاقبته ، واسألي نفسك إذا كان ماتتوقعين منه متلائماً مع شخصيته وقدراته ، ففي الكثير من الأحيان مانسميه ( مشكلة سلوكية ) هو بالفعل عدم تنسيق بين الأهل والولد ، بين توقعات الأهل من ولدهم أي ( الولد - الحلم ) و ( الولد - الواقع ) ولسوء الحظ ومعظم الأحيان تبدأ هذه التوقعات أو الأحلام حتى قبل ولادة الولد ( مثل الأم الحامل التي تعتقد أن ابنها ســوف يصبح رياضـياً محترفاً لأنه يتحرك كثيراً في داخـلها أو أنه سـوف يصـبح طبـيباً مثل والده ) .
ماذا لـو لـم يصبح الـولد رياضـياً مـحـترفاً أو طبيباً لامـعاً ؟
إن مثل هذه التوقعات تولد مشاكل عديدة في نوعية التواصل بين الأهل والأولاد ، إذ تكثر الانتقادات تجاه كل مايقوم به الولد ، خاصة التصرفات التي تؤكد للأهل أن توقعاتهم هذه لن تتحقق ، ويأتي حكمهم على الولد قاسياً ، والأخطر من ذلك هو أن الولد نفسه يشعر بأنه خيب أمل أهله ، أو أنه يخيبه باستمرار فيصنف نفسه بأنه إنسان فاشل غير قادر على إرضاء أهله ، مما يؤثر بشكل فادح على ثقته بنفسه وصورته الذاتية .
عند ظهور سلوك سيء عند ولدك .. هل يكون جزءاً من نمط تصرفاته الاعتيادي ؟ أم ردة فعل لتغيرات مهمة حاصلة في حياته ؟
مثلاً عندما يتصرف طفلك بعدوانية ، هل هذه العدوانية من خصائصه السلوكية ؟ أم هل هناك تغيرات مفاجئة أو تدريجية حاصلة في محيطه قد تكون هي المسئولة عن هذا التصرف »وفاة أحد الأقارب الذين اعتاد الطفل عليهم ، طلاق حاصل في العائلة ، بدء المدرسة ، تغيير البيت ، خادمة جديدة ، ولادة أخ جديد «
هل تشخصين السلوك السيء عند طفلك دون أن تلاحظي ؟
إن هذا التشجيع غير المقصود يأتي على أشكال متنوعة التقليد : الوالدان اللذان يلجآن إلى العنف الكلامي والجسدي »الصراخ والضرب « في تعاملهما معاً ومع أولادهما يشجعان الولد على اعتماد نفس الأسلوب .
الاستفزاز : يعرف الطفل إجمالاً كيف يحصل على مايريده ، وغالباً مايرضخ الأهل أمام صراخه ودلعه وبكائه ، وهذا ما أسميه »باللجوء للمسكنات « أي عندما يشتري الوالد الشيء المرغوب للطفل فقط لإسكاته وإنهاء حالة الصراخ والبكاء .
التجاهل : عندما يقوم ابنك بعض وضرب الأولاد الآخرين كلما فشل في لعبة ما ، من الخطأ أن تقولي » إنه مثل أبيه « يغضـب بسرعة وسوف يتحسن «
إن مثل هذا التجاهل خاطىء جداً ، بل يجب التدخل وتدريب الولد على التواصل السليم مع الآخرين .
هل تلاحظين سلوكيات مماثلة فيك أو في طفولتك ؟
عندما يكبر الأولاد نصبح غير متسامحين تجاه السلوكيات التي تذكرنا بأنفسنا ، الأب الذي كان فاشلاً في المدرسة يصبح ناقداً لاذعاً لابنه الذي لايدرس جيداً - الأم التي كانت خجولة جداً في طفولتها تصبح قلقلة وغير متسامحة مع ابنها إذا ظهر عنده نفس السلوك .
غالباً مايشعر الأهل بالغضب والقلق والقهر حيال هذه الأمور ، ويحذر علماء النفس من ذلك لأن خطتك قد تفشل وتنعكس سلبياً على الولد ، فالأم الخجولة قد تفرض على ابنتها الانخراط في نشاطات عديدة ، وتجبرها على ارتياد أندية مختلفة ، مما يجعل الإبنة أكثر خجلاً من أمها .
إن مثل هذه الأم تريد أن تعوض عن نقص فيها على حساب ابنتها ، ومن خلال ذلك قد يتضاعف خوف الولد من الفشل في تحقيق رغبات الأم ، وتتدنى ثقته بنفسه إلى أدنى الدرجات .
السؤال السابع : ما مدى ارتياحك للقواعد والحدود التي وضعتها في بيتك ؟
كل خبراء التربية يركزون على أهمية وضع قوانين وحدود لضبط سلوك الأطفال وإرشادهم إلى ماهو صحيح ، مثلاً وقت النوم ، اللعب بعد الدرس ، إنهاء وجبة الطعام قبل تناول الحلوى .. إلخ
إن قدرة الوالدين على وضع هذه القوانين والحدود في البيت تؤثر كثيراً على سلوك الأولاد ، وفي هذا الإطار يرى الخبراء أن أفضل أسلوب تربوي هو الأسلوب الذي يمزج بين السلطة والتسامح ، أي أن القوانين موحدة بوضوح كمرجعية ثابتة في حياة الأولاد ، لكنها قوانين مرنة قد تخضع للتعديل من وقت إلى آخر حسب الظروف واحتياجات الطفل ، المطلوب هو أم دافئة ، حنونة ، مستمعة ، وبنفس الوقت أم محاورة ومنطقية ، تعترف باهتمامات أولادها واحتياجاتهم ، وتدرك حقوقهم ، ولكن بالوقت نفسه ترسم إطاراً محدوداً لتصرفاتهم يوضح لهم الخطوط الحمراء التي لايحق لهم تجاوزها .
السؤال الثامن
هل ردة فعلك محصورة لسلوك معين أم أنها تشمل كل سلوك الطفل إجمالاً ؟
في الكثير من الأحيان يميل الأهل إلى تعميم انتقاداتهم للولد على كل مايقوم به ، خاصة عندما يكون الولد صاحب مشكلة معينة ، والنتيجة للأسف هي أن الأهل يتجاهلون النواحي الإيجابية الموجودة عند الطفل .
لذلك يجب تحديد السلوك المزعج أو المشكلة عند الولد ، والسعي إلى الالتفات أكثر إلى الجوانب الإيجابية في شخصيته .
السؤال التاسع » موجه للأم العاملة «:
هل تشعرين بالذنب بالنسبة للوقت الذي تمضينه مع أولادك والعائلة ؟
لايوجد أي كتاب أو أي خبير يستطيع أن يؤكد لك أنك تمضين الوقت الكافي مع أولادك ، المهم هو نظرتك أنت لنفسك كأم عاملة ، فإذا كنت تنظرين لهذا الأمر بذنب فهذا الشعور بالذنب قد يؤثر سلبياً على حياتك العائلية ، الأم التي تشعر بالذنب حيال عملها خارج المنزل تجد صعوبة في أن تقول »لا« لأولادها ، وتصبح متسامحة أكثر من اللزوم معهم ، وهكذا تبدأ المشاكل السـلوكية عند الأولاد وتتفاقم حتى تصــبح خارج سيـطـرتها .
كذلك فإن الأم العاملة غالباً ماتلوم نفسها للسلوك السيء الحاصل عند أبنائها »لأنني غير موجودة في البيت « »لأنني لا أبقى وقتاً كافياً معهم « من ناحية أخرى هناك أمهات غير عاملات يمضين 24ساعة في البيت مع أولادهن ، لكنهن غير سعيدات ، ويفقدن صبرهن بسهولة تجاه كل مايقوم به الأولاد ، ويمضين النهار في المعاقبة والتأنيب والصراخ ، ويبدون مرهقات من جراء الأعمال المنزلية التي لاتنتهي ، وبالتالي لاوقت لديهن للجلوس بهدوء إلى جانب الولد واللعب معه أو قراءة القصص له ..
إن الأم التي تعمل خارج البيت ، وهي راضية عن نفسها ، وتشعر بكل سعادة أن عملها هذا يساعدها على تحقيق ذاتها ، تستطيع أن تعطي لأولادها الوقت المميز الذي هو مطلوب ، وقت يستمتع فيه كلا الطرفين ببعضهما ، حيث يشعر الولد بأن أمه موجودة له للاستماع إليه ، وإلى رغباته وأحلامه واحتياجاته ومشكلاته ، موجودة معه للحوار واللعب والقيام بنشاطات يرغبها .
وفي هذه الأحوال لايهمه كثيراً إذا كانت الأم موجودة طوال النهار في المنزل ، فيكفيه أن يراها لساعتين يومياً أو لبضع ساعات في أوقات معينة ، مما يجعله يشعر بالأمان والطمأنينة ضمن علاقة متجانسة وآمنة .
دور الأب في التربية
باختصار على الأب أن يكون الرفيق والمعلم والمرشد الأخلاقي والمحامي ، إضافة إلى كونه مؤمن الرزق للبيت .. صحيح أننا في الماضي لم نعر الاهتمام الكافي لدور الأب في حياة الأولاد ، وهذا أمر طبيعي ، إذ أن الأم هي التي تقوم إجمالاً بما يتعلق بتربية الأولاد ، وتمضي وقتاً أكثر من زوجها مع أولادها ، ولكن منذ عشرين سنة بدأت الأبحاث تركز على دور الآباء ، واعترف الأخصائيون بأنهم بالفعل كانوا يتجاهلون أهمية هذا الدور .
فاليوم ، حسب الإحصاءات العالمية يمضي الآباء 33٪ من وقتهم مع أولادهم ، وهي نسبة عالية مقارنة بالوضع منذ 20عاما ،ً حسب إحدى الدراسات يمضي الأب اليوم من ساعتين إلى ثلاث ساعات مع أولاده ، بينما يمضي 12دقيقة يومياً من 53عاماً ولكن ليس مفهوم الوقت هو المهم إنما نوعية تواجد الأب في حياة أولاده هي التي تهمنا .
نعم للأب دور مهم جداً في تربية الأولاد وتأثير عميق في حياتهم ، ويتلخص هذا الدور في النقاط التالية :
1- إن الأب بكل بساطة مختلف عن الأم في أسلوب تواصله مع الأولاد ، وكأن هناك شفرة بينه وبين ولده ، أو على الأقل مميزة ، وغالباً ماتكون الأم غير مدركة لنوعية هذه الصلة ، إنما يأتي الولد ويوضح لها بنفسه هذا الأمر عندما يقول لها مثلاً »بابا يرسم أحسن منك « أو» بابا علمني هكذا أحسن منك «
2- إذا راقبنا كيف يحمل الأب المولود الجديد ، نلاحظ أنه عندما يقترب منه يبدأ أولاً بدغدغته ثم يحمله في الهواء وينططه إلى الأعلى ، والأولاد يحبون ذلك كثيراً ، فهناك دراسة بينت أن ابن الثمانية أسابيع يستطيع أن يميز بين الذكور والإناث عندما يقتربون منه ، فعندما يتوقع المولود أن والده يقترب منه ليحمله يفتح عينيه كثيراً ويرفع كفيه وتتسارع دقات قلبه وكأنه يتنبأ بالإثارة ، وبالفعل يشبه الأب هنا نسخة عملاقة من إحدى الألعاب البراقة التي تصدر جميع أنواع الأصوات نعطيها لأولادنا لإثارة حواسهم ... إن هذه الإثارة الحسية الجسدية مهمة جداً للدماغ في مرحلة النمو .
كذلك لاحقاً عندما يكبر الأولاد يستمر الأب في تأمين هذه الإثارة الحسية الجسدية »ألعاب المصارعة على السرير والمشاركة في ألعاب الكرة وركرب الدراجة إلخ .. « والأولاد خاصة الذكور منهم يبحثون عن ذلك وينتظرون والدهم بشغف لممارسة مثل هذه الألعاب .
إن لغة الأب تختلف عن لغة الأم ، فالأب إجمالاً يستعمل كلمات معقدة خلال تحدثه مع أولاده ، أي أنه لايقوم بالمجهود الذي تقوم به الأم تلقائياً لتسهيل اللغة للولد ولتتأكد أنها أو صلت له رسالتها ، هذا وإن استخدام لغة راشدة مع الأولاد مقابل لغة مبسطة قد يساهم في إغناء القدرات اللغوية عندهم يوافق الجميع على أن سلطة الأب التربوية أقوى من سلطة الأم ، فالأب يستخدم حاجزاً عاطفياً أكثر من الأم في تعامله مع أولاده ، فيسهل على الأب أكثر من الأم أن يقول بصرامة » إذهب الآن إلى غرفتك « لأنه يقول ذلك من دون أن يفتح المجال لأية مداعبة عاطفية من قبل الولد وهو شيء لاتقدر الأم عليه .
فكلنا نعلم أن الآباء أقل تسامحاً من الأمهات في مثل هذه الأمور .[/b]